“بوكو حرام” الذي يعني بلغة الهوسا “تحريم التعليم الغربي”، هي جماعة إسلامية نيجيرية سلفية جهادية مسلحة، تتبنى العنف المسلح لتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا.
تم تاسيسها عام 2002 على يد الداعية الشاب محمد يوسف، والذي انطلق من مسجد “ابن تيمية” الذي شهد اعتقاله ومن ثم قتله. ولد عام 1970 في قرية نائية في الشمال النيجيري على الحدود مع جمهورية النيجر، ولقب بـ”الميدغوي” وكنيته “أبو يوسف”.
كانت بداية محمد يوسف التنظيمية مع جماعة الإخوان المسلمين في نيجيريا بقيادة إبراهيم الزكزكي في منتصف الثمانينات، غير أنه رفض ميل زعيمها للتشيّع الإيراني الذي اتسع عام 1994، وحدث انشقاق في جماعة الإخوان في نيجيريا، فانضم جناح منها الى زعيمها المتشيّع فيما بعد، واحتفظ جناح آخر بانتمائها الإخواني، التي سميت جماعة “التجديد الإسلامي”.
أما محمد يوسف فتقرّب عام 1994 من جماعة متشددة تدعى “جماعة إزالة البدعة وإقامة السنة” التي أسسها الشيخ أبو بكر جومى، وما لبث أن انفصل عنه مؤسساً ومعلناً جماعته الجديدة تحت اسم “جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد” عام 2002، والتي عرفت فيما بعد بحركة “بوكو حرام”.
الأسس الفكرية لـ”بوكو حرام”
حسب بيان، يتضح أن مبادىء “بوكو حرام” الذي وضعه مؤسسها محمد يوسف، هي نفس مبادئ الجماعات المتطرفة التي تدعي الجهاد مثل تنظيمي “داعش” و”القاعدة”، وهي تقوم على الأسس التالية:
– الحاكمية، وتكفير الحكم الوضعي والديمقراطية واعتبارها أدياناً مخالفة للإسلام وخروجاً عنه.
– اعتقاد الفرقة الناجية وأنهم الطائفة المنصورة المبشّر بها في نبوءات آخر الزمان.
– تحريم التعليم الغربي من المدارس إلى الجامعة.
– ضرورة إقامة “الدولة الإسلامية” والبيعة للإمام.
– الولاء والبراء ومعاداة المخالفين، سواء من المستغربين أو من الاتجاهات المذهبية الأخرى كالصوفية والتشيّع.
نجح محمد يوسف، مؤسس الحركة، في ربط حركته بتاريخ التجارب الإسلامية والتوسع الإسلامي في أفريقيا، وخصوصاً تجربة الشيخ عثمان دان فوديو الذي أسس دولة إسلامية في نيجيريا في أوائل القرن التاسع عشر، وعرف بتطبيقه الحدود والولاء والبراء ومواجهة البدع.
وكانت أولى العمليات المسلحة عام 2003 بعد أن انتشرت جماعته في ولايات الشمال النيجيري الشرقي الخمس، وهي: غومبي وأدماوا وبرنو ويوبي وباوشي، وكذلك في ولايات الشمال والشمال الغربي وهي: كانو وجيغاوا وكاتسينا وسوكوتو وكبي، كما امتد تهديدها الى دول الجوار بعد ذلك، وشنت عمليات في النيجر وتشاد والكاميرون.
خلال عام 2009 بدأ محمد يوسف حربه على الدولة النيجيرية من خلال ما سماه “الرسالة المفتوحة إلى رجال الحكومة الفيدرالية”، هدّد فيه الدولة، وحدّد لها أربعين يوماً للبدء في إصلاح العلاقة بينها وبين حركته، وإلا فسيبدأ “عملية جهاد”.
في تموز 2009 بدأت الشرطة النيجرية بالتحري عن الجماعة، بعد تقارير أفادت بقيام الجماعة بتسليح نفسها. تم القبض على عدد من قادة الجماعة في باوتشي، ما أدى إلى اشتعال اشتباكات مميتة بين قوات الأمن النيجيري وقدر عدد الضحايا بحوالى 150 قتيل.
اعتقل محمد يوسف قبل أن تقتله الشرطة في 30 تموز 2009 في أعقاب اقتحام مسجد “ابن تيمية” الذي كان يخطب ويعتصم فيه أمام أعين أنصاره وعلى الهواء مباشرة، في بث لمدة خمس دقائق لحوار بينه وبين رجال الأمن انتهى بمقتله.
“بوكو حرام” دخلت طوراً جديداً بعد مقتل مؤسسها، وبايعت قيادتها الجديدة وعلى رأسها أبو بكر شيكاو في 16 آب 2009، ومعه أصبح التنظيم أكثر وحشية وأكثر توسعاً في التكفير والقتل على الهوية وعلى مؤسسات الأمن والدولة، والعمليات الانتحارية.
وفي 8 آذار 2015 بايعت “بوكو حرام” تنظيم “داعش” في بيان صوتي بُث عبر حساب الحركة على تويتر، على لسان زعيمها أبوبكر شيكاو، الذي قال في رسالته: “نعلن بيعتنا للخليفة”، وذلك في إشارة إلى أبو بكر البغدادي، وأضاف: “سنسمع ونطيع في العسر واليسر “.
وفي 12 آذار 2015 قبل تنظيم “الدولة الإسلامية” بيعة الحركة ، فغيرت اسمها.
ولا شك أن التحول لبيعة “داعش” أعطى زخماً أكبر للتنظيم المتمدد في نيجيريا ودول الجوار، وسيهدد استقرار جنوب ليبيا القريبة والتي تشهد نمواً متسارعاً لتنظيم “داعش”.
يؤكد عدد من دارسي “بوكو حرام”، مثل الدكتور حمدي عبد الرحمن وعمر سيتي وثروتمان وغيرهم، أن الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية وهشاشة الدولة والخدمات في نيجيريا ساعدت هذه الحركة المتطرفة على التمدد والحضور الآيديولوجي والمؤثر في شمال نيجيريا والبلدان المجاورة، وفي مواجهة الحكومة النيجيرية الاتحادية، غير ان الوقائع تثبت ان العامل الآيديولوجي يظل أقوى من سواه، وهو ما يجذب المقاتلين الأجانب من دول الغرب قبل الدول العربية والافريقية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق